呼圖白講壇
( 阿漢對照第160講 )
一卅柯 • 韓文成 編譯
---------------------------------------------
خطبة الجمعة بتاريخ 15 من محرم 1431هـ الموافق 1 / 1 / 2010م
伊斯蘭紀元1431年1月15 日 / 公元2010年1月1日主麻演講
呼圖白講壇
( 阿漢對照第160講 )
一卅柯 • 韓文成 編譯
---------------------------------------------
خطبة الجمعة بتاريخ 15 من محرم 1431هـ الموافق 1 / 1 / 2010م
伊斯蘭紀元1431年1月15 日 / 公元2010年1月1日主麻演講
مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ
牢記主的尊名者必進天堂
الْحَمْدُ للهِ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، وَالنَّوَالِ وَالإِفْضَالِ وَالإِنْعَامِ، لَهُ الْمِنَنُ الْجِسَامُ، وَالأَيَادِي الْعِظَامُ، قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ عَامٍ، ثـُـمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيـَّـامٍ. أَحْمَدُ رَبِّي حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فَيهِ عَلَى تَفَرُّدِهِ بِالْمَنْعِ وَالإِعْطَاءِ، وَالإِمَاتَةِ وَالإِحْيَاءِ، وَالنَّقْضِ وَالإِبْرَامِ. وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ، الْحَيُّ الْقَيُّومُ الذِي لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ. وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا وَرَسُولَنَا، وَحَبِيبَنَا وَخَلِيلَنَا، خَيْرُ الأَنَامِ، أَخْرَجَ اللهُ بِهِ النـَّـاسَ إِلَى النـُّـورِ بَعْدَ تَقَلُّبِهِمْ في حَنَادِسِ الظـَّـلاَمِ، فَدَعاهُمْ إلِى الجَنَّةِ دَارِ السَّلامِ. صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ، صَلاَةً وَسَلاَماً دَائِمَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالأَيـَّامُ.
أَمَّا بَعْدُ:
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ([آل عمران:102].وَاعْلَمُوا -أيُّهَا الإِخْوَةُ الأَحْبَابُ- أَنَّ الْعُقُولَ وَالأَلْبَابَ، مُضْطَّرَةٌ لِمَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ وَصِفَاتِ رَبِّ الأَرْبَابِ، فَضَرُورَتُهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ ضَرُورَةِ صَاحِبِ الْبَذْرَةِ إلِىَ قَطْرِ السَّمَاءِ إِذَا غَرَسَهَا فِي التـُّـرَابِ. بَلِ الضَّرُورَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ: أَعْظَمُ مِنْ ضَرُورَةِ الأَبْدَانِ إِلَى الأَرْوَاحِ، وَالْعُيُونِ إِلَى النُّورِ الْوَضَّاحِ.
فَأَيُّ ضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ فَرَضَهَا الْعِبَادُ: فَإِنَّ ضَرُورَتَهُمْ وَحَاجَتَهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ وَصِفَاتِ الْكَرِيمِ الْجَوَادِ: فَوْقَ ذَلِكَ بِالإِحْصَاءِ وَالتِّعْدَادِ؛ لأَنَّهُ لاَ سَبِيلَ إِلَى السَّعَادَةِ وَالنَّجَاحِ؛ وَلاَ طَرِيقَ إِلَى الأُنْسِ وَالْفَلاَحِ، فِي العَاجِلَةِ وَالآجِلَةِ: إِلاَّ فِي التَّعَرُّفِ عَلَى الرَّبِّ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، وَمَا لَهُ مِنْ أَسْمَاءِ الجَمَالِ، وَصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنُعُوتِ الْجَلاَلِ.
عِبَادَ الرَّحْمَنِ:
إِذَا كَانَتْ سَعَادَةُ العَبْدِ فِي الدَّارَيْنِ؛ مُعَلَّقَةً بِمَعْرِفَةِ الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ حَقّاً بِلاَ مَيْنٍ: وَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ نَصَحَ لِنَفْسِهِ وَأَحَبَّ نَجَاتَهَا، وَرَامَ نَعِيمَهَا وَسَعَادَتَهَا: أَنْ يعْرِفَ مِنَ الْقَرِيبِ الْمُجِيبِ جَمِيلَ أَسْمَائِهِ؛ حَتَّى يَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِعِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ. وَاسْمَعُوا -يَا عِبَادَ اللهِ الأَخْيَارَ- إِلَى مَا نَدَبَكُمْ إِلَيْهِ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، وَحَثَّكُمْ عَلَيْهِ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، مِنَ الخِطَابِ الـمُشَنِّفِ لِلأَسْمَاعِ، وَالْمُهَذِّبِ لِلطِّبَاعِ، وَالدَّاعِي إِلَى الاتِّبَاعِ: )وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( [الأعراف:180].
وَدُعَاءُ اللهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ: لاَ يَتَأَتَّى لِلْعَبْدِ إِلاَّ بَعْدَ أَنَ يَعْرِفَ مَرَاتِبَ الإِحْصَاءِ، الِتي جَاءَ الْحَثُّ عَلَيْهَا، وَالإِرشَادُ إِلِيْهَا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مِائَةً إِلاَّ وَاحِداً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنـَّـةَ»[أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَهَذَا الإِحْصَاءُ الْمَحْمُودُ، الْمَوْعُودُ عَلَيْهِ بِجَنَّةِ الْخُلُودِ: يَكُونُ بِحِفْظِ ألَفْاَظِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ، ثُمَّ بِفَهْمِ مَعَانِيهَا الْغَرَّاءِ، ثـُمَّ بِدُعَاءِ اللهِ تَعَالَى بِهَا؛ إمَّا دُعَاءَ عِبَادَةٍ وَثَنَاءٍ؛ وَإِمَّا دُعَاءَ مَسْأَلَةٍ وَعَطَاءٍ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَالأَدْعِيَةِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ الْمُنِيفَةِ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ]. فَتَأَمَّـلْ كَيْفَ أَرْشَدَ النَّبِيُّ r زَوْجَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنْ تُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيِ الدُّعَاءِ -مِنَ المِدْحَةِ وَالثَّنَاءِ، عَلَى رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ- بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ الـحُسْنَى يُنَاسِبُ الرَّغْبَةَ وَالرَّجَاءَ.
وَمَنْ رَامَ إِحْصَاءَ أَسْمَاءِ اللهِ الـحُسْنَى: فَعَلَيْهِ بِإِدَامَةِ النَّظَرِ فِي كَلاَمِ اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ تَجَلَّى فِي كِتَابِهِ لِعِبَادِهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَتَارَةً يَتَجَلَّى الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لِعبَادِهِ في صِفَاتِ الْهَيْبَةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْجَلاَلِ، فَتَخْضَعُ الأَعْنَاقُ، وَتَنْكَسِرُ النـُّـفُوسُ، وَتَخْشَعُ الأَصْوَاتُ. وَتَارَةً يَتَجَلَّى الْجَمِيلُ الْجَلِيلُ فِي صِفَاتِ الْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، فَيَسْتَنْفِدُ حُبُّهُ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ قُوَّةَ الْحُبِّ كُلَّهَا بِحُبِّ مَا عَرَفَهُ مِنْ أَسْمَاءِ جَلاَلِهِ وَصِفَاتِ جَمَالِهِ وَنُعُوتِ كَمَالِهِ، فَيُصْبِحُ فُؤَادُ عَبْدِهِ فَارِغاً إلاَّ مِنْ مَحَبَّتِهِ، فَإِذَا أَرَادَ مِنْهُ غَيْرُهُ أنْ يُعَلِّقَ تِلْكَ الْمَحَبَّةَ بِهِ أَبَى قَلْبُهُ وَأَحْشَاؤُهُ ذَلِكَ كـُـلَّ الإِبَاءِ. وَإِذَا تَجَلَّى الْبَرُّ الرَّحِيمُ بِصِفَاتِ الرَّحْمَةِ وَالْبِرِّ وَاللُّطْفِ وَالإِحْسَانِ: انْبَعثَتْ قُوَّةُ الرَّجَاءِ مِنَ الْعَبْدِ وَانْبَسَطَ أمَلُهُ، وَقَوِيَ طَمَعُهُ؛ وَسَارَ إِلَى رَبِّهِ وَحَادِي الرَّجَاءِ يَحْدُو رِكَابَ سَيْرِهِ، فَكُلَّمَا قَوِيَ الرَّجَاءُ: جَدَّ فِي الْعَمَلِ.
وَإِذَا تَجَلَّى الْعَزيزُ الْحَكِيمُ بِصِفَاتِ الْعَدْلِ وَالانْتِقَامِ وَالْغَضَبِ وَالسَّخَطِ وَالْعُقُوبَةِ: انْقَمَعَتِ النَّفْسُ الأَمَّارَةُ، وَانْقَبَضَتْ أَعِنَّةُ رُعُونَاتِهَا، فَأَحْضَرَتِ الْمَطِيَّةُ حَظَّهَا مِنَ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ وَالْحَذَرِ. وَإِذَا تَجَلَّى السَّمِيعُ الْبَصِيرُ بِصِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ: انْبَعَثَ مِنَ الْعَبْدِ قُوَّةُ الْحَيَاءِ، فَيَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَرَاهُ عَلَى مَا يَكْرَهُ، أَوْ يَسْمَعَ مِنْهُ مَا يَكْرَهُ؛ أَوْ يُخْفِيَ فِي سَرِيرَتِهِ مَا يَمْقُتُهُ عَلَيْهِ، فَتْبَقَى حَرَكَاتُ العَبْدِ وَأَقْوَالُهُ وَخَوَاطِرُهُ مَوْزُونَةً بِمِيزَانِ الشَّرْعِ، غَيْرَ مُهْمَلَةٍ وَلاَ مُرْسَلَةٍ تَحْتَ حُكْمِ الْهَوَى وَالطَّبْعِ. وَإِذَا تَجَلَّى الْحَفِيظُ الْحَسِيبُ بِصِفَاتِ الْكِفَايَةِ وَالحَسْبِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَسَوْقِ أَرْزَاقِهِمْ إِلَيْهِمْ؛ وَدَفْعِ الْمَصَائِبِ عَنْهُمْ؛ وَنَصْرِهِ لأَوْلِيَائِهِ وَحِمَايَتِهِ لَهُمْ وَمَعِيَّتِهِ الْخَاصَّةِ لَهُمْ: انْبَعَثَتْ مِنَ العَبْدِ قُوَّةُ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ وَتَفْوِيضِ الأَمْرِ إِلَيْهِ.
وَإِذَا تَجَلَّى الجْبَّارُ المُتَكَبِّرُ بِصِفَاتِ الْعِزِّ وَالْكِبْرِيَاءِ: أَعْطَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ الْمُطْمَئِنَّةُ مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ لِعَظَمَتِهِ، وَالانْكِسَارِ لِعِزَّتِهِ، وَالْخُضُوعِ لِكِبْرِيَائِهِ، وَخُشُوعِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ لِعَلْيَائِهِ. وَإِذَا تَجَلَّى اللهُ الصَّمَدُ بِصِفَاتِ إِلاهِيَّتِهِ: شَهِدَ الْعَبْدُ صِفَاتِ الْمَحَبَّةِ وَالْوُدِّ؛ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَاءِ اللهِ تَعَالَى؛ وَالأُنْسَ وَالْفَرَحَ بِهِ؛ وَالسُّرُورَ بِخِدْمَتِهِ وَالْمُنَافَسَةَ فِي قُرْبـِهِ؛ وَالتَّوَدُّدَ إِليْهِ بِطَاعَتِهِ، وَاللَّهَجَ بِذِكْرِهِ، وَالْفِرَارَ مِنَ الخَلْقِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَصِيرَ هُوَ وَحْدَهُ هَمَّهُ دُونَ مَا سِوَاهُ. كَمَا أَنَّ تَعَرُّفَ العَبْدِ عَلَى رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِصِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ: يُوجِبُ لَهُ التَوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالاِفْتِقَارَ إِلَيْهِ، وَالاسْتِعَانَةَ بِهِ وَالذُّلَّ وَالْخُضُوعَ وَالانْكِسَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَرَأْسُ الأَمْرِ وَعَمُودُهُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ: أَنْ يَشْهَدَ العَبْدُ أَنَّ لَهُ مَلِكاً قَيُّوماً فَوْقَ عَرْشِهِ، يُدَبِّرُ أَمْرَ الْعِبَادِ، وَيَأْمُرُ بِالرَّشَادِ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَسَادِ، وَيَرْضَى وَيَغْضَبُ، وَيُثِيبُ وَيُعَاقِبُ، وَيُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَيَخْفِضُ وَيَرْفَعُ، وَيَرَى مِنْ فَوْقِ سَبْعٍ ويَسْمَعُ، لاَ تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَسْقُطُ وَرَقَةٌ إِلاَّ بِعِلْمِهِ.
وَيَشْهَدُ حَمْدَ اللهِ فِي مُلْكِهِ، وَعِزَّهُ في عَفْوِهِ؛ وَحِكْمَتَهُ فِي قَدَرِهِ وَقَضَائِهِ؛ وَنِعْمَتَهُ فِي بَلاَئِهِ، وَعَدْلَهُ فِي انْتِقَامِهِ، وَغِنَاهُ فِي إِعْرَاضِهِ، وَمَغْفِرَتَهُ وَسِتْرَهُ وَحِلْمَهُ فِي إِمْهَالِهِ، وَكَرَمَهُ وَجُودَهُ فِى إِقْبَالِهِ.
فَيَا عِبَادَ اللهِ، وَيَا إِمَاءَ اللهِ:
تَوَجَّهُوا إلَى رَبِّكُمْ بِسُؤَالِهِ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، فَإِنـَّـهُ سَمِيعٌ لِدُعَاءِ الدَّاعِينَ؛ وَعَلِيمٌ بِحَوَائِجِ السَّائِلِينَ، فَهُوَ مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، وَغَايَةُ كُلِّ نَجْوَى، فَمَنْ سِوَاهُ المَرْجُوُّ لِتَفْرِيجِ الْكُرُوبِ، وَتَنْفِيسِ الْخُطُوبِ؟ وَمَنْ غَيْرُهُ الْمَقْصُودُ لِدَفْعِ الهُمُومِ، وَرَفْعِ الْغُمُومِ؟. تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «الْحَمْدُ للهِ الذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ تَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللهِ r، وَإِنِّي لَـيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُ كَلاَمِهَا، وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ r وَتَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلَ شَبَابِي، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتـَّى إِذَا كَـبِرَ سِنـِّي، وَانْقَطَعَ وَلَدِي: ظَاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ. تَقُولُ عَائِشَةُ: وَأنَا فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْريلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِهَذِهِ الآيَةِ: )قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ( [المجادلة:1]» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه ].
فَحَذَارِ ثـُمَّ حَذَارِ يَا عَبْدَاللهِ:
أَنْ تُعْرِضَ عَنْ نِدَاءِ وَدُعَاءِ وَرَجَاءِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ؛ بِمَا لَهُ مِنْ جَمِيلِ الأَسْمَاءِ. فَمَا حَالُكَ إِنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ إِلاَّ كَحَالِ حُوتٍ فَارَقَ الْمَاءَ، وَوُضِعَ فِي مِقْلاَةٍ تَحْتَ الْهَوَاءِ، هَذِهِ وَاللهِ حَقِيقَةُ الفُؤَادِ وَقَدْ تَدَثَّرَ بِثَوْبِ الفَقْرِ وَالإِمْلاَقِ؛ يَوْمَ أَعْرَضَ عَنْ دُعَاءِ رَبِّهِ الْخَلاَّقِ، بِلْ أَفْظَعُ وَأرْوَعُ، وَأَشْنَعُ وَأَخْنَعُ. وَلَكِنْ لاَ يُحِسُّ بِهَذَا إِلاَّ قَلْبٌ وَاعٍ. وَأَمَّا قَلْبٌ فِي ظُلَمِ الخِدَاعِ وَالضَّيَاعِ: فَيَرَاهُ النَّاظِرُ؛ بِمَا صَوَّرَهُ الشَّاعِرُ:
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيْهِ مَا لِجُرْحٍ بِمَيـِّتٍ إِيـلاَمُ
وَكَيْفَ نُعْرِضُ يَا عِبَادَ اللهِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْغَنِيِّ وَنَحْنُ مَلْهُوفُونَ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ؛ وَهُوَ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أُمَّهَاتِنَا اللاَّتِي حَمَلْنَنَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فِي الأَرْحَامِ. يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ t: «قُدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إذْ وَجَدَتْ صَبِيّاً فِي السَّبْيِ فَأَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، ف¡